في الصميم …  تحليلات ومتابعات
                   
البحرين:اسقاط الجنسية يعكس استمرار الخيار الامني في مواجهة الحراك الديمقراطي
                                                    صلاح النصراوي
قرار حكومة البحرين باسقاط الجنسية عن عدد من مواطنيها تعسفي وظالم من وجهة النظر القانونية وهو ما تكفلت منظمات حقوق الانسان بادانته، ولكنه من الناحية السياسة خطوة في الاتجاه الخاطئ وفي غاية الخطورة تعكس مدى التهور لدى صانعي القرار واصرارهم على خوض معركة خاسرة بدل الاستجابة للمطالب المشروعة للمنادين بالاصلاح والتغير والديمقراطية في البحرين ولرياح الحرية التي اطلقها الربيع العربي.
هنا بعض الاستنتاجات بشأن الخطوة التي من المتوقع ان تتبعها ارتدادات دولية واقلمية ومحلية.
اولا على المستوى الدولي والاقليمي:
-ان الخطوة تعتبر انتهاكا صارخا للاتفاقيات والاعراف الدولية الخاصة بالقانون الدولي الانساني وخاصة الاعلان العالمي لحقوق الانسان وبالذات مادته الخامسة عشر التي تنص على حق كل شخص بالجنسية” و”الا يتم حرمانه من الجنسية او من حقه في تغيرها.”
-انها ستحرج اصدقاء النظام البحريني في الغرب الذين يغضون النظر منذ بدء حركة الاحتجاجات قبل نحو عامين وستفضح الازدواجية التي يتعاملون بها مع ثورات الربيع العربي.كما انها من الناحية السياسية فاجئتهم وستضعهم امام خيارات ليست يسيرة في حالة تصاعد الاحتجاجات بسبب القرار.
-انها ستثير احتمالات ان تشجع باقي حكومات مجلس التعاون الخليجي والتي تعاني من مشكلات سياسية وديموغرافية مماثلة الى اللجوء الى مثل هذا الاجراء التعسفي في حالة تصاعد الحراك السياسي فيها.
-انها ستزيد التوترات السياسية والطائفية في المنطقة خاصة بين الشيعة والسنة وبالذات بين البحرين ودول مجلس التعاون من جهة، وايران، من جهة ثانية.
-انها ستثير انتباه دول لديها جاليات تم تجنيس بعض افرادها ومخاوفها من ان يتعرض افرادها الى ممارسات مشابهة في المستقبل.والمعروف ان الهند والباكستان اللتان لديهما جاليات كبيرة في الخليج تم تجنيس افرادها هي اكثر هذه الدول حساسية تجاه مثل هذه الممارسات وتمتلك استراتيجيات امنية وعسكرية وسياسية للتعامل معها.  
-انها تثير مخاوف فيما اذا كانت البحرين وغيرها من حكومات دول الخليج ستلجأ الى اجراءات مماثلة بحق متجنسين او مقيمين من بلدان الربيع العربي اذا ما ثبت مشاركتهم في دعم الحراك في تلك البلدان.
ثانيا على المستوى الوطني:
-انها ستؤدي الى حرمان الافراد الذين انتزعت عنهم الجنسية وعوائلهم من كافة حقوق المواطنة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية الاخرى مما سيترتب عليه تبعات واجراءات قد لاتكون قاسية انسانية فقط بل وخطيرة في اثارها السياسية والاجتماعية.
-انها ستزيد من اسباب الصراع السياسي الحالي وستؤجج الطابع الطائفي للحراك الديمقراطي الجاري وستدعم وجهات نظر حركة الاحتجاجات بالاستهداف الطائفي والفؤوي.
-انها قد تؤدي الى الدفع بالمزيد من التطرف، وربما اعمال عنف كرد فعل لن ينفع الحكومة بالادعاء حينئذ كيل الاتهام للمحتجين بعدم سلمية احتجاجاتهم.
-انها ستفضح نظام التجنيس المثير للجدل في البحرين وستضيف مبررات جديدة للمطالب الخاصة بسياسات التجنيس التي تتبعها الحكومة البحرينية والاتهامات الموجهة لها بالتميز الطائفي.
-انها ترسل رسائل متشددة الى قادة وناشطي الحراك وتجعل امكانية الحل السياسي اكثر صعوبة.
-انها تعمق الجراح داخل المجتمع البحريني وتزيد من صعوبات التعايش بين الطوائف والاجناس وتنقل الصراع الى مستويات جديدة، خاصة وان غالبية سكان البحرين البالغ عددهم قرابة 1,3 مليون هم من المتجنسين والمقيمين الاجانب.(46 بالمائة يحملون الجنسية البحرينية و 56 من الاجانب المقيمين.)
ان خلاصة النتائج المترتبة على قرار سحب الجنسية عن اكثر من 30 ناشط سياسي وحقوقي بحريني هو انها ستزيد الشرخ الوطني وتعمق الهوة وتطيل امد المآزق الوطني وتعطي اشارات سلبية عن نية النظام في التعامل مع مطالب الحراك ومراهنته على الحسم الامني والطائفي.
   

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *